• كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حريصًا على إرشادِ أُمَّتِه إلى أبوابِ الخيرِ والفضلِ، وفَضائلِ الأعمالِ، ومِن هذا: أنَّه أوصَى بصِيامِ بعضِ الأيَّامِ مِن كلِّ شهرٍ, وكان يَحرِصُ على صِيامِ النَّفْلِ في بعضِ الأيَّامِ؛ منها: يومُ عاشُوراءَ.
•وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "لئِنْ بَقيتُ إلى قابلٍ، لأَصومَنَّ اليومَ التَّاسِعَ"، أي: يومَ التَّاسِعِ مِن مُحرَّمٍ، ومَقصِدُه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّه إذا عاش إلى العامِ المُقبِلِ صام يومَ تاسوعاءَ مع صيامِ يومِ عاشوراءَ، وهو يومُ العاشرِ مِن المحرَّمِ، وقد أمَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بصِيامِه لَمَّا عَلِم أنَّ اليهودَ تَصومُه شُكرًا للهِ على إنجائِه موسى عليه السَّلامُ وإغراقِ فِرْعَونَ في ذلك اليومِ،
فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم:
"نحنُ أوْلَى بمُوسى مِنهم" كما في الصَّحيح،
فصامه وأمَر بصيامِه،
•وقد كان صلَّى الله عليه وسلَّم يَصومُه قبل الهِجرةِ؛
وذلك إمَّا بحُكمِ الموافقةِ لهم كما في الحجِّ، أو أَذِنَ اللهُ تعالى له في صِيامِه على أنه فِعلُ خيرٍ،
فلمَّا هاجَرَ ووجَد اليهودَ يَصومُونه وسأَلَهم، صامَه وأمَر بصِيامِه، ولم يَصمُه اقتداءً بهم؛ فإنَّه كان يصومُه قبلَ ذلك.
•وزاد أحَدُ الرُّواةِ في روايَتِه عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما:
"مَخافَةَ أن يَفوتَه عاشوراءُ"،
•أي: لأَصومَنَّ يومَ التَّاسعِ معَ يومِ العاشرِ؛ حتَّى يتَأكَّدَ أنَّه صام يومَ عاشوراءَ ولم يَفُتْه؛ فبيَّن عِلَّةَ صيامِ يومِ التَّاسعِ. وقد ورَدَ حديثٌ آخَرُ عندَ البيهقيِّ مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما موقوفًا، ما يُبيِّنُ حِكْمةً أخرى مِن صيامِ يومِ التَّاسعِ، وفيه أنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "صوموا التَّاسِعَ والعاشِرَ وخالِفوا اليهودَ".
•وقد جاء في في صَحيح مُسلمٍ ما يُبيِّنُ فَضلَ صِيامِ يومِ عاشورءَ، حيثُ قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "إنِّي أحتَسِبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السَّنةَ الَّتي قَبْلَه"، أي: يُكفِّرَ ذُنوبَ السَّنةِ السَّابقةِ عليه.
•وفي الحديثِ: بيانُ فَضيلةِ صِيامِ يومِ عاشوراءَ، والاحتِرازِ لِصَومِه بصومِ يومِ التَّاسِعِ معَه.