منتدي عالمك

منتدي عالمك (https://vb.3almc.com/index.php)
-   السنة النبوية الشريفة (https://vb.3almc.com/forumdisplay.php?f=60)
-   -   { وإذا ما غضبوا هم يغفرون } (https://vb.3almc.com/showthread.php?t=36874)

امانى يسرى محمد 04-25-2024 05:06 AM

{ وإذا ما غضبوا هم يغفرون }
 
https://blogger.googleusercontent.co.../524512264.gif






﴿ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾ [الشورى: 37]


يقول الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾ [الشورى: 37].

في هذه الآية الكريمة يذكر الله تبارك وتعالى من صفات عباده المؤمنين: أنهم إذا ما غضبوا على أحد بسبب قوله أو فعله غفروا لمن غضبوا عليه؛ وذلك حتى يزول ما يشعرون به تجاه من غضبوا عليه من رغبة في الانتقام والإيذاء والعدوان، وبذلك تظل نفوسهم وقلوبهم سليمةً وصافيةً بعضهم تجاه بعض.

وقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: أوصني، قال: ((لا تغضب))، فردَّد مرارًا، قال: ((لا تغضب))؛ [رواه البخاري].

فهذا الرجل هنا قد عُرف عنه الغضب، فلما جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم طالبًا أن يوصيه بأمر يسير عليه في هذه الحياة، وتستقيم به أموره، أوصاه صلوات ربي وسلامه عليه بما يحتاج إليه ويفيده، ويناسب حاله، وهو عدم الغضب؛ وذلك لأن الغضب من شأنه أن يجعل الإنسان يخرج عن عادته وحالته الطبيعية، ويجعل الدم يغلي في بدنه، راغبًا في تأديب من أغضبه والانتقام منه، فتراه يتلفظ بألفاظ ويتصرف بتصرفات غير محسوبة الآثار والعواقب والمآلات، ثم يندم على هذا القول أو الفعل الذي أقدم عليه في حال غضبه!

وكما قال الشاعر:
ولم أرَ في الأعداء حين اختبرتُهم عدوًّا لعقل المرءِ أعدى من الغضبِ


ففي لحظة غضبٍ يتفوَّه الإنسانُ بألفاظٍ سيئة، ويجرح مشاعر الآخرين، وفي لحظة غضب يسيء إلى والديه، وفي لحظة غضب يُطلِّق امرأته التي عاشت معه سنين عدة، وربما تكون هذه آخر طلقة له، فيقع في مشكلة ومعضلة يبحث لها عن حل عند المشايخ والقضاة، وفي لحظة غضب يضرب ابنه ضربًا مبرحًا، مؤذيًا بدنه ومدمرًا شخصيته، وفي لحظة غضب يتسبب في قطيعة أرحامه وأقاربه، وفي لحظة غضب يفقد الإنسان عقله ويقتل مسلمًا معصوم الدم والمال والعرض، وهكذا نرى أن هناك عواقبَ مدمرةً وآثارًا سيئة جدًّا يتسبب فيها الغضب للإنسان في حياته، وهذا هو الأصل فيه، ومن هنا قال الإمام جعفر الصادق رحمه الله: "الغضبُ مِفتاحُ كلِّ شرٍّ".


وقد كتب الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رحمه الله إلى أحد عُمَّاله: "ألا تعاقب عند غضبك، وإذا غضبتَ على رجلٍ فاحبسه، فإذا سكن غضبك فأخرجه، فعاقبه على قدر ذنبه، ولا تجاوز به خمسة عشر سوطًا".


من ابتُلي بسرعة الغضب وكان العامل الطبعي عنده قويًّا عليه أن يحاول جاهدًا أن يتحكم في غضبه، ويدرِّب نفسه على الصبر والحلم والعفو والتسامح مع الآخرين، ولا يستعجل في التعامل مع الأحداث والمواقف والمثيرات من حوله؛ لئلا يندم على قوله وتصرُّفه بعد ذلك، فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس الشديد بالصُّرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))؛ [رواه البخاري ومسلم].


وهناك عدد من الإرشادات والتوجيهات النبوية التي يمكن اتِّباعها للتخفيف من حدة الغضب وشدة الانفعال عند الإنسان، ومن ذلك: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فقد ورد عن سليمان بن صُرَدٍ رضي الله عنه أنه قال: استبَّ رجلانِ عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوسٌ، وأحدهما يسبُّ صاحبه مُغضبًا، قدِ احمرَّ وجهه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعلمُ كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم))، فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم؟! قال: "إني لست بمجنون"؛ [رواه البخاري واللفظ له ومسلم].


ومن ذلك أيضًا تغيير وضعه الذي هو عليه، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب؛ وإلا فليضطجع))؛ [رواه أحمد وأبو داود].


يقول الإمام الخطابي رحمه الله في الحكمة من تغيير وضع الغاضب من القيام إلى القعود ومن القعود إلى الاضطجاع: "القائم متهيئ للحركة والبطش، والقاعد دونه في هذا المعنى، والمضطجع ممنوع منهما، فيشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بالقعود والاضطجاع لئلا تبدر منه في حال قيامه وقعوده بادرة يندم عليها فيما بعد".

كما أن في تغيير وضعية الإنسان إشغالًا لباله وفكره وذهنه بأمر آخر، فيخف غضبه، وربما زال عنه.



وإذا شعر الإنسان الغاضب بأنه لا يستطيع أن يصبر ويكظم غيظه يبتعد عن هذا المكان الذي هو فيه، والذي حضر فيه الشيطان حتى يهدأ، كما انتقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الوادي الذي نام فيه عن صلاة الفجر؛ لأنه وادٍ حضر فيه الشيطان.

هذه هي بعض الإرشادات والتوجيهات النبوية التي تُعين الإنسان في التخفيف من حدة غضبه وانفعاله، ويحتاج الإنسان فيها إلى مجاهدة نفسه، والتدرب عليها فترةً من الزمن، وهذه الفترة قد لا تكون قصيرة، ولكن شيئًا فشيئًا تخف عنده حالة الغضب والانفعال وسرعة الاستجابة للمثيرات دون نظرٍ في العواقب، ويرى الآثار الحميدة لكظم الغيظ على حالته النفسية والصحية بل وحتى على من حوله من أفراد أسرته وأقاربه وأصحابه وبني مجتمعه وأمته.





د. أحمد عادل العازمي


شبكة الالوكة


https://akhawat.islamway.net/forum/u...cb883d544c.png


الساعة الآن 08:17 PM.

Powered by vBulletin Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd Trans
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.