منتدي عالمك - وأوحينا إلى أم موسى,تأمّلات في سورة القصص,تفسير سورة القصص

https://up.3almc.com/uploads/3almc.n...1920890651.png

ذُكِرت مادة الخوف في سورة القصص ظ¨ مرات تقريبًا، أولها في قوله تعالى: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفتِ عليه فألقيه في اليمّ ولا تخافي ولا تحزني إنّا رادوه إليك) كانت أم موسى بصدد أمر تكرهه، وتخشى مواجهته وربما لا تعلم عاقبته، يقول الله تعالى لها (ولا تخافي ولا تحزني) فقد تأتي العبد البشارة العظيمة من أمر يخافه

وقد يخاف كذلك في حياته من فقد أشياء عزيزة على قلبه، ولا يدري أنّ الخير يكمن في بُعدها عنه! متى سيأت بها الله؟ لا علم له، ولكن لديه يقين أن الله تعالى سيردّ له كل مفقود، وإن لم يردّ ذات المفقود فسيعوضّه بما هو أصلح له منه.

موضع آخر ذكر فيه الخوف، حينما قتل موسى عليه السلام القبطيّ من قوم فرعون (فأصبح في المدينة خائفًا يترقّب..) ثم عندما علم أن الملأ يأتمرون على قتله (فخرج منها خائفًا يترقّب..)

وهنا إشارة أن الإنسان في حياته معرّض للخوف، فهو يدخل في أمر ويخرج من أمر..يودّع مرحلة من عمره، ويستقبل مرحلة جديدة، يترك وظيفة ويشتغل في أخرى، وهو في كافة حالاته قد يكون خائفًا يترقّب ما سيحدث له؟ هل هذا يناسبه، هل هو خير له؟ فالحل في التعامل مع هذه المخاوف هو اللجوء إلى الله تعالى والاستهداء بالدعاء وهذا كان حال موسى عليه السلام عندما خرج من مصر (ولما توجّه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) وأظهر فقره لله تعالى (ربّ إني لما أنزلتَ إليّ من خيرٍ فقير) كان موسى عليه السلام محتاجًا لكل خير من ربه ومحتاجًا للأمن خاصة..

فماذا كان بعد ذاك الهروب الشاقّ، والنفس المتوجّسة؟ خير دنيوي ورزق طيّب: يطمئنه والد المرأتين اللتين سقى لهما (لا تخف نجوت من القوم الظالمين) ويرزقه الله الزوجة الصالحة والرزق الحلال ..

خير ديني ونورُ الوحي: (فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن ياموسى إني أنا الله رب العالمين*وأن ألقِ عصاك فلمّا رأها تهتزّ كأنها جانٌ ولّى مدبرًا ولم يعقب يا موسى لا تخف! إنّك من الآمنين) يؤمنه الله عز وجل ويوحي إليه برسالته ويصطفيه بكلامه ويصطنعه لنفسه، وكل ما سبق من تربية الله لموسى عليه السلام وليس هناك أعظم رسوخًا لليقين ومواجهةً للصعاب من أن يؤمّن قلبك، ربّك الذي خلقك وبيده مُلك كل شيء تخافه!

ثم ترد لفظة الخوف على لسان موسى عليه السلام: (قال رب إني قتلت منهم نفسًا فأخاف أن يقتلون*وأخي هارون هو أفصح مني لسانًا فأرسله معي ردءًا يصدقني إني أخاف أن يكذبون) فاستجاب له ربه عز وجل وهيأ له من الأسباب الماديّة والمعجزات ما يعينه على الدعوة بعد أن هيّأه نفسيًا بالتطمين والتربية الرّبانية (قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانًا فلا يصلون إليكما بئاياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون)

فهذه السلطة الجبّارة المتمثلة في فرعون وقومه، التي خافها موسى عليه السلام وهرب منها، كيف يعود لمواجهتها؟ كيف يصمد أمامها؟ بالبرهان والحجة، والتأييد الرّباني.. ولهذا كان الاصطفاء بالكلام والله أعلم، للتثبيت والتقوية وكسر الخوف؛ فموسى كان في مواجهة أعتى أهل الأرض وأشدّهم تجبرًا.. وحتى المؤمن يصمد بإذن الله أمام مخاوفه بالوحي (فمن تبع هداي فلا خوفٌ عليهم) فأي خوف من مرض أو فقد مادي أو معنوي يضمحّل إذا كان العبد على طريق الهدى..
https://vb.3almc.com/blob:https%3A//...c-de849f8d8179

https://up.3almc.com/uploads/3almc.n...1920891392.png

منقول للإفادة