﴿فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ﴾
قال ابن عباس وغيره: "الساهرة: الأرض."
س: ما سبب تسمية الأرض بالساهرة؟
قال ابن فارس: "ويقال للأرض: الساهرة، سُمّيت بذلك؛
لأن عملها في النَّبْتِ-أي الإنبات- دائمًا ليلًا ونهارًا."
هل تعلم أن لك الآن منزلًا في الجنة؟
حافظ عليه، أرجوك لا يرثه أحد منك؛ فإنه ما من أحد إلا وله منزل في الجنة،
فإن مات مؤمنًا كان له، وإن مات على غير الإيمان ورثه غيرُه ممن سيدخل الجنة.
﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
أقلّ أهل الجنة وآخرهم لها دخولًا=رجل يعطيه الله كل ما يتمنى ثم يعطيه عشرة أضعاف الدنيا تخيّل منذ أن خلق الله الدنيا إلى قيام الساعة، كم فيها من الملك والمال والخير الذي لا يحصى؟
هذا أقل أهل الجنة، فكيف بمن فوقه، بل كيف بمن في الفردوس الأعلى؟
قالﷺ:"إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس"
﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾
الناس كلهم، وليس من ترجو نفعه أو تخاف ضرّه.
قال الله عن أهل الجنة:
﴿وقالوا الحمدُ للهِ الذي أَذْهَبَ عنَّا الْحَزَن﴾
ذكر بعض المفسرين أنّ من الحزن: (كِراء البيت)، أي سكن البيت بأُجرة. ومن المعلوم أن الاستئجار-غالبًا-لقلة المال المانعة من التملّك ومن اللطيف أن أقلّ أهل الجنة له مثل عشرة أضعاف الدنيا...مُلْكًا.
أيوب عليه السلام=لم يكن ابتلاؤه في بدنه فحسب!
بل، ابتلاء في موت أولاده
وابتلاء=في ذهاب أمواله
وابتلاء=في انفضاض الناس من حوله
وابتلاء=في إخراجه من قريته لتأذّي الناس منه
وابتلاء=في طول زمن الابتلاء
وابتلاء أعظم من ذلك كله=شماتة الأعداء
﴿إنّا وجدناه صابِرًا نعمَ العبد إنه أوّاب﴾
﴿وأُزْلِفَتِ الجَنَّةُ لِلمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ•هٰذَا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ•مَنْ خَشِيَ الرَّحمٰنَ بِالغَيْب﴾
﴿مَنْ خَشِيَ الرَّحمٰنَ بِالْغَيْب﴾
قال الضحاك: يعني في الخلوة حيث لا يراه أحد.
وقال الحسن: إذا أرخى الستر، وأغلق الباب.
يا أخي، وإن كنت مذنبًا، لا تيأس، قد يحبّك الله، بل ويغفر لك ذنوبك وإن بلغتْ عنان السماء ما عليك إلا أن تتّبع حبيبك محمدًاﷺ
﴿قُل إِن كُنتُم تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُم ذُنُوبَكُمْ﴾
يا أُخيّ، هل تعلم غاية أنفس من ﴿يُحبِبْكُمُ اللّه﴾؟
المؤمنة في الدنيا=جنّتها في بيتها وفي الآخرة=بيتها في الجنة
﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ﴾
كان بعض السلف يجتهد بعد الأربعين أكثر من ذي قبل.
قال الله تعالى:
﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عليّ...﴾
والأعمار بيد الله ولكن من بلغ الأربعين فليعلم أنه بدأ لديه العدّ التنازلي
﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾
(وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنا)
ليس معناها: ولا تزنوا.
بل المعنى :لا تنظر إلى حرام، لا تتحدث مع امرأة حديث شبهة، لا تخلُ بامرأة أجنبية، لا تخضع المرأةُ بالقول. وأما الزنا فطريقٌ سهلٌ الدخول فيه، صعبٌ الخروج منه.
كم من الأشياء التي أحببناها وسعينا لها، ثم حمدنا الله أنها لم تحصل، فنستحضر مباشرة
﴿وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ﴾
ومع هذا فهناك أشياء نسعى لها، والمصيبة إن حصلت،
ثم لا نعلم أنها شرٌّ لنا إلا عندما نحاسب عليها يوم لا ينفع مال ولا بنون.
فاسألوا خير الأمرين.
الموت ليس نهاية. الموت بداية. هو بداية للحياة الأبدية، هذا الوصف الأنسب. خروجك من الدنيا القصيرة ليس بشيء عند مقارنته بدخولك في عالم سرمدي. الموت باب إذا دخله المؤمن فكل ما بعده أهون منه.
الموت إذا نزل بالمؤمن تنزل معه البشارات فيهون عليه.
﴿فلا تَمُوتُنَّ إلَّا وأنْتم مسْلِمون﴾
﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾
أُزلفت، أي قُرّبت.
الجنّة لا تُقرّب إلا لأهل القُرب، فتقرّبوا لله بالطاعات يقرّب لكم جنته في العرصات.
وإن ارتفع الناس بعلومهم، وافتخروا بشهاداتهم، فليس هناك علمٌ أعظم من العلم بالله الذي
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾
بالحكمة يعيش الإنسان بطمأنينة وإن كانت الحياة مضطربة وبدون الحكمة يعيش المرء مضطربًا وإن كانت الحياة مطمئنة.
قال الله تعالى: ﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ﴾
س/هل تعلم ما العقوبة الخفية التي لا يعلمها من حلّت به؟
ج/التمادي في الذنوب، وتيسُّرها إذا أرادها، والإسراع إليها كلما اشتهاها.
﴿وأمَّا مَن بَخِلَ واسْتَغنىٰ•وَكَذَّب بالحُسنىٰ•فسَنُيَسِّ رُهُ لِلْعُسرىٰ﴾
هو يتمتع بالذنب ويتزوّد منه، لكنه لا يشعر أنه يستكثر للعقاب يوم القيامة.
لزوم الاستغفار من أسباب تحقق الزواج تأمل
﴿استغفروا ربكم إنه كان غفارا.يرسل السماء عليكم مدرارا.ويمددكم بأموال وبنين﴾
فهل يكون بنون إلا بزواج
﴿فإنْ تنازعتم في شيءٍ فردّوه إلى اللهِ والرسولِ إنْ كنتم تؤمنون باللهِ واليوم الآخرِ ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلًا﴾ (تأويلًا): عاقبة.
طلبُ الحق من الكتاب والسنة عند النزاع=عواقبه حميدة، ومنها: إصابتك للحق أو مقاربته.
زيادة في إيمانك. طمأنينة في قلبك. بصيرة في دينك. ثقة الناس بقولك.
اطمئن يا مهموم؛ فإنّ مِن رحمة الحي القيّوم أنّ الهموم لا تدوم.
﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾
قد تكون همّتنا أن نكون قدوة للناس، ولكن عباد الرحمٰن لهم همّةٌ أعلى: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾[الفرقان : ٧٤]
تخيّل أنك تفعل خيرًا فيقتدي بك مسلم فيعمل به ويستمر عليه ويبلغ درجة التقوى...
أنت الآن صرت لأحد المتقين إمامًا، فكيف باثنين وثلاثة إلى عدد لا يحصيه إلا الله؟
﴿فلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلىٰ طَعَامِهِ﴾
انظر إلى طعامك، واعلم أن هناك من يهتمّ لبلعه لمشكلة في المريء، وهناك من يهتمّ لهضمه لمشاكل في المعدة والأمعاء، وهناك من يهتمّ لإخراجه لمشاكل في الإخراج.
وأكثرنا لا يحمّل إلا همّ السؤال عن الألذّ والأطيب، فالحمد لله القائل
﴿متاعًا لكم﴾
إذا كنت تحفظ آية الكرسي ولا تعرف معنى﴿ولا يَئُودُهُ حِفظُهُما﴾ وتحفظ سورة الإخلاص ولا تعرف معنى ﴿الله الصَّمَدُ﴾ وتحفظ سورة الفلق ولا تعرف معنى﴿ومِن شَرِّ غَاسِقٍ إذا وقَبَ﴾
فاعلم أنك مُقصّر في حقّ نفسك مع كتاب ربك.
يا أُخيّ، هذه المعاني الثلاث وغيرها فيها عظمة وحياة للقلب.
أعظم من الذنب أنْ تظنّ أنّ الله لا يغفر الذنب.
ومن الذنب أنْ تظنّ أنّ الله إذا غفر الذنب فلن يحبّ العبد.
ومن الذنب أنْ تظنّ أن الله لن يهدي العبد ويجتبيه بعد التوبة من الذنب.
﴿وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ﴾
صُنّاع الهاشتاقات التافهة التي يُراد منها اجتماع المراهقين وأهل الفساد=لهم حظٌّ وافر وخاسر وعاثر من قول الله:
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا والْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُون﴾
أحيانًا تجد شخصًا له محبة في قلوب الناس لأسباب معروفة وأحيانًا تجد آخر محبّة الناس له ليس لها سبب ظاهر هذا النوع من المحبة لا يستطيع أحد إزالته من القلوب ولو جاء بكل سبب.
هذا النوع=من جنس محبة موسى التي قال الله عنها﴿وأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً منّي﴾ ما رآه أحدٌ إلا أحبّه.
﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ﴾
الاتجاه واحد والمقاصد مختلفة:
طالبة فاحشة وطالب عفّة.
﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾
قال الأحنف بن قيس: "مَنْ لم يصبرْ على كلمةٍ سَمِع كلمات. ورُبَّ غيظٍ قد تجرّعتُه مخافةَ ما هو أشدُّ منه."
هل عصيتَ في خلوة فندمت؟ وشعرتَ أنك نزلت رُتبة في إيمانك؟ وتخاف من الإصرار ثم كثرة الانحدار؟
اغتنم الخلوات باستحضار عظمة الله حتى تخشاه واملأها بالاستغفار وأتبع سيئة الخلوة بحسنة السر
ضع هذه الآية نصب عينيك لا،بل في سويداء قلبك
﴿إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرةٌ وأجرٌ كبير﴾
﴿فقولا له قولًا ليّنًا لعله يتذكّر أو يخشى﴾
إنْ سألت ما القول اللين؟
فالجواب
﴿فقل هل لك إلى أنْ تزكّىٰ • وأهديَك إلى ربك فتخشى﴾
(هل لك) ما ألينها من كلمة وما ألطفها من عبارة، يعرض عليه عرضًا لا أمرًا، كأنما يعرض على ضيف كريم أو صديق حميم.
هذا مع عدو الله فكيف بولي الله
﴿فَمَالَنَا مِن شَافِعِينَ • وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾
لما كان الشفعاء كُثرًا جيئ بهم بصيغة الجمع.
ولما كان الصديق قليلًا جيئ به بصيغة الإفراد
فكيف إذا كان الصديق حميمًا؟
فذلك قليل من قليل والحميم معناه القريب القريب من القلب، القريب إلى العين، القريب منك عند الأفراح والأتراح.
﴿كَلَّاإِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ(٦)أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ (٧)﴾ لم يقل: أنْ
استغنى، وإنما ﴿أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ﴾أي بسبب أن رآى نفسه قد استغنى.
تمامًا كقول الناس اليوم: شايف نفسه، أو يرى في نفسه.
عندما يستشيرك أحد في أمر (أسري، اجتماعي، تجاري...)
فإن لم يكن لديك خبرة فلا تغترّ باستشارته لك وتظن أنك حقيق بالإشارة. هو أحسن إليك إذ أحسن الظن بك،
فلا تُسئْ إليه فتغُشّه.
﴿ولا تَقْفُ ما ليس لَكَ بهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ والبصرَ والفؤادَ كُلُّ أُولئكَ كانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾
في أول صفات عباد الرحمن قال الله
﴿وإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قالُوا(سَلَامًا)﴾
وبعد الفراغ من ذكر صفاتهم ذكر الله جزاءهم فقال
﴿أُولَٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فيهَا تَحِيَّةً)(وَسَلَامً ا)﴾
فبُدِئ بالسلام منهم فِعلًا، وخُتم بالسلام لهم جزاءً.
لِيكن مبدؤك عند كل خبر أو قصة تنتشر وفيها إساءة لأحد=العمل بهذه الآية
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾[الحجرات:٦]
والواقع كل يوم يؤكد حاجتنا لهذا المبدأ.
أيهاالحاسد، ألا يكفيك أن الله قرنك بالسواحر.
﴿وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ • وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ [الفلق : ٤-٥﴾
﴿لَهُم ما يَشَاءُونَ فِيهَا..﴾
يا عبدَ الله، تمنَّ وتمنَّ حتى تنتهي أمانيك،
فهُنالك نعيم في الجنة لا تبلغه العقول حتى تتمنّاه النفوس،
ولذلك قال الكريم: ﴿ولَدَيْنَا مَزيدٌ﴾ وهذا المزيد أفضل مما تتمنّاه الآن، بل وأفضل مما تتمنّاه في الجنة، الله يخبرك به.
يا ربّ، مِن هذا المزيد.
لا يغرنّك ثباتك، فهناك أقدام زلّت بعد ثبات
﴿فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا﴾
ولكن اسأل الله الثبات حتى الممات
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾
﴿وعباد الرحمن﴾
مِن رحمته بهم جعلهم من خُلَّص عباده.
-﴿الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا﴾
إذا كانت هذه أخلاقهم مع أسوأ الناس خُلُقًا، فكيف ببقية الناس.
-﴿والذين يَبيتون لربهم سُجّدًا وقِيامًا﴾
وإذا كانت هذه أعمالهم في السرّ، فكيف بالعلانية.
﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا (كَبِيرًا لَّهُمْ) لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ﴾
ما أجمل التعبير القرآني،
لم يقل (كبيرًا منهم) بل ﴿كَبِيرًا لَّهُمْ﴾
لأن التعبير بـ(منهم) يُشعر بأنه كبير في الواقع، وأما (لهم) فمعناه أنه كبير لديهم وليس كبيرًا في الواقع ولا عند غيرهم.
آية جمعت الصلٰوات الخمسة:
﴿وسَبِّحْ بِحَمْد رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشّمسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ﴾[طه: ١٣٠]
-﴿قبل طلوع الشمس﴾ الفجر. -﴿وقبل غروبها﴾ العصر.-﴿ومن آناء الليل﴾ العشاء. -﴿وأطراف النهار﴾ الظهر والمغرب.
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ [الملك : ١٢]
بالغيب: عندما تكون وحدك، ولا يعلم بك إلا الله،
عندما تسهل أسباب المعصية فلا تتركها إلا لله.
عندما يقول لك قلبك الحي: إن الله يراك.
من لطائف الالتفات في القرآن:
قال تعالى ﴿إنّا أعطيناك الكوثر • فصلِّ لربّك وانحر﴾ لم يقل(فصل لنا
) تحريضًا على فعل الصلاة لحق الربوبية، وليس لأجل العطاء فقط،
لأن الصلاة لا تكون لمن أعطى، فهنا لم يعلّقها بالعطاء، وإنما جعلها لمستحقها، فذكر اسم الرب وهو المستحق لها.
﴿فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما﴾
قال الحسن:{كالمعلقة}أي لا هي مطلقة ولا ذات زوج
قال القرطبي:"وهذا تشبيه بالشيء المعلّق من شيء؛ لأنه لا على الأرض استقر ولا على ما عُلّق عليه انحمل"
والتطليق خيرٌ من التعليق والصُلح خير من ذلك كله
﴿وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خيرٌ وأحسن تأويلًا﴾
أي وأحسن عاقبة لكم؛ فإن الله يُحسن لكم عليه الجزاء.
إذا كان هذا في شأن العدل بالأموال، فكيف بالعدل في الأقوال.
فوالله ما عدل أحدٌ في قوله-مع عدو أو صديق-إلا كانت عاقبته إلى خير في الدنيا قبل الآخرة.
﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ﴾
من لطائف هذه الآية، قيل: إنها سألت الجار قبل الدّار.
إذا عصفت أمواج الفتن، وتتابعت المِحن، وحار الحليم،
فتذكّر أنه ﴿لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ﴾
لا تـشغلك حياتك الصغيرة عن حياتك الكبيرة.
ثم تقول:﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾
هناك أُناسٌ أُولِعوا بالغيبة حتى إن بعضهم إذا قيل له: لا تغتب أخاك. قال: والله ما سألت عنه، أقول هذا الكلام في وجهه! مسكين،
ما يدري أن هذا هو الهمز الذي قال الله تعالى فيه:
﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ قال الربيع بن أنس: الهُمزة: يهمزه في وجهه، واللمزة: من خلفه.
الرفعة بيد الله﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ﴾ والسقوط بأمر الله﴿وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ﴾
فلا الإعلام يرفعك، ولا الحاقد يُسقطك، فلا تهتمّ لهذا ولا ذاك، فقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمٰن يُقلّبها كيف شاء.
﴿إنّ الذين آمَنوا وعمِلُوا الصّالحاتِ سيَجعَلُ لَهمُ الرَّحْمٰنُ وُدًّا﴾
سيجعل الله لهم محبة في قلوب العباد، وقبولًا يتسلّل للفؤاد.
ووالله لَنَزْعُ جبل من الأرض=أهون من نَزعِ تلك المحبة من قلوب العباد. يا مسكين، أتظنك قادرًا على نزع محبة أرساها الله لوليّه في قلوبٍ أمرها بيده!
ليس بينك وبين الخير الذي لا ينقطع=إلا الصدق مع الله.
﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللّهَ لَكانَ خَيرًا لهمْ﴾ خيرٌ من ماذا ؟
لقد أطلق الله ذلك، لِيَذهب فكرك إلى كلّ مذهبٍ حسن. خيرٌ من حظوظ النّفس. خير مما في أيدي الخلق. خير مما معك. خير مما فاتك. خير من الدنيا وما فيها. اُصدق مع الله وسترى.
﴿إنّ الله يُمْسِك السموات والأرض أن تزولا ولَئِن زَالَتا إِنْ أَمسَكَهمَا منْ أحدٍ من بَعده ۚ إنه كان حليمًا غَفورًا﴾
قال ابن القيم: تأمل خَتْم هذه الآية باسمين من أسمائه، وهما (الحليم، والغفور)
كيف تجد تحت ذلك=أنه لولا حلمه عن الجناة ومغفرته للعصاة لَمَا استقرت السماوات والأرض
وللرجال عليهنّ درجة والله (عزيز حكيم)﴾
﴿فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلًا إن الله كان (عليًّا كبيرًا) ﴾
لما ذكر الله ولاية الرجل على زوجته=ختم الآيتين بأسماء عظيمة ترهيبًا للرجل من أن يظلمها.
- فيا أيّها الزوج الظالم، اعلم أنك ضعيف ذليل صغير، وأنّ معها العزيز العلي الكبير
﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَر﴾
أصح الأقوال في تفسير الآية، وأوقعها في النفس، وأبعثها للطمأنينة=ما قاله ابن عباس:
"ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه"
وقد قال الله في الحديث القدسي:"فإنْ ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم"
هل هناك أعظم من ذكر الله لك؟
هل يُدرك صاحب المكر السيئ أنه يمكر بنفسه؟
فلْيرفق بنفسه إِذَن!
﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾
الله عزوجل يقول في كتابه العزيز (وليس الذكر كالأنثى) ثم يخرج علينا من يقول: المساواة بين الجنسين!!!
أيظننا ندع شرع الله الحق ونوافقه هو على انتكاسته؟!
رب أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه واحفظنا من شر دعاة الباطل ما حيينا
إذا خرجت للبر=فانظر للأرض كيف سُطحت.
وإلى السماء وزُرقتها كيف رُفعت.
وإلى الجبال وهيبتها كيف نُصبت.
وانظر لخضرة الربيع وكيف أحيا الله الأرض بعد موتها.
وفي الليل انظر للنجوم وكيف جُعلت زينة للسماء.
لا يكن خروجك للنزهة فقط، بل اجعلها رحلة إيمانية.
﴿إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون﴾
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗوَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾
إذا أتيت بالتقوى=نِلْتَ أحبّ لقاء، وأعظم بشارة.
فيا ربّ
يسّر التقوى علينا.
وحبّب لقاءك إلينا.
وبشّرنا إذا تُوفّينا.
ما أظلم الإنسان عندما يَعدُّ ما لم يُعطِه الله مما سأل، ولا يعدُّ ما أعطاه مما لم يسأل.
ولو عدّ ما لم يُعطَ مما سأل=لانتهى من عدّهِ في ساعة.
ولو عدّ ما أُعطي مما لم يسأل=لم ينتَهِ من عدّهِ إلى قيام الساعة.
﴿وإنْ تعُدُّوا نِعمة الله لا تُحصُوها إِنَّ الإِنسانَ لَظَلُومٌ كَفَّار﴾
قال موسىﷺ للخضر: ﴿لقد جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾
وقال: ﴿لقد جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا﴾
وقال قوم مريم: ﴿لقد جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا﴾
وقال الله لمن ادّعى له ولدًا: ﴿لقد جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا﴾
والإدّ أبلغ مما سبق، فهو الأمر الفظيع العظيم والداهية والمنكر الذي يقع فيه جَلَبَة.
عندما تمرض=تلتمس أن يكون أقرب الناس إليك أحبهم إلى قلبك.
وعندما تصاب بمصيبة=تتمنى أن يكون عندك من يحسن مواساتك.
وعندما تكون في سكرات الموت وأنت مؤمن فلا حاجة للأماني=سيكون أقرب الخلق إليك أكرمهم على الله
﴿تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولاتحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون﴾
مما أعجبني:
على قدر الهدف تكون سرعة الإنطلاق ..
ففي طلب الرزق قال ﷲ ﷻ: ﴿فامشوا﴾.
وللصلاة قال ﷲﷻ: ﴿فاسعوا﴾.
وللجنة قال ﷲﷻ: ﴿وسارعوا﴾.
وأما إليه فقال ﷲﷻ: ﴿ففروا إلى ﷲ﴾.
أسألُ ﷲ أن يكفيك ما أهمّكَ، ويُصلحَ عملك وشأنَك كلّهُ، ويُبلّغَكَ وأحبتَك فيما يرضيهِ أمانيكم.
﴿إنّا نَحنُ نَزَّلْنا الذِّكْرَ وإنَّا لهُ لَحَافِظُون﴾
مَن فَهِم مِن هذه الآية أن الله سيحفظ كتابه فحَسْب فقد قصُر فهمه لها! سيحفظ الله حملته، والراسخين فيه،
والإسلام الذي يقوم به، وسيدحض الله مخالفيه، ومؤوليه على غير تأويله. ولن يأتي أحد بشبهة فيه إلا جعل الله ردّها من كتابه.
ما ألذّ الحديث عن الذكريات الجميلة.
الذكريات لها لذّة، لا سيما إن كانت سببًا في حياة سعيدة.
فما بالك إذا كانت سببًا في حياتك الأسعد!
﴿وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون•قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين•فمَنَّ الله علينا ووقانا عذاب السموم•إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم﴾
تأمل تعبير القرآن عن قرى المشركين
﴿وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى(وهي ظالمة)﴾ ﴿وكم قصمنا من قرية(كانت ظالمة)﴾ ﴿فكأين من قرية أهلكناها(وهي ظالمة)﴾ ﴿وكأين من قرية أمليت لها(وهي ظالمة)﴾
فلما جاء ذكر مكة قال ﴿ربنا أخرجنا من هذه القرية(الظالم أهلها)﴾ فأضاف الظلم لأهلها وليس لها
(وآتُوهُم مِن مالِ اللهِ الّذِي آتَاكُم﴾
لم يقل: من مالكم؛ لأن المالَ مال الله، لم يكن بيدك قبل حياتك، ولن يكون بيدك بعد مماتك.
مالك الحقيقي=هو ما قدّمت لآخرتك. مالك=ما سوف تُظلّل به في عرصات القيامة.
مالك=ما سيكون حجابًا بينك وبين النار.
مالك=ما سوف تجده أمثال الجبال في الجنة.
قال لوط لقومه: ﴿أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾
الرجل الرشيد=يُكرم الأضياف. وينصر المستضعفين. ويُعين المُصلحين. ويستمع للناصحين. ويخاف ربّ العالمين.
﴿إنّ معيَ ربي سيهدينِ﴾
قالها موسى بيقين ففلق الله له طريقًا في البحر.
قُلها بيقين فسيجعل الله لك عند البلاء طريق صبر. وعند النعماء طريق شكر. وعند الموعظة طريق تَذَكُّر. وعند التعلّم طريق فهَم. وعند التعليم طريق قبول. وعند الخصومات طريق سلامة.
سيجعل الله حياتك كلها طريقًا للجنة.
﴿إنّ الله لا يُغيّرُ ما بقومٍ حتّى يُغَيّروا ما بأنْفسِهم﴾
من أكثر الأمور التي تغيّر العبد اليوم=فضول النظر، وفضول الكلام.
ففضول النظر، يقود للنظر الحرام. وفضول الكلام، يجرّ للغيبة والنميمة.
وأكثر ما يُساعد على ذلك=الفضول في استخدام الجوال، وخاصة في قروبات لا زمام لها ولا خطام.
بعض المصائب قد لا يكون لها حلّ، ولكن لها ما يهوّنها ويسكّنها فيكون عزاءً لمصيبتك وبلسمًا لجراحك=الرضا بالقدر، واليقين بأن الدنيا زائلة، والعلم بأن أجر الصابرين عظيم.
﴿إنّما يُوَفّىٰ الصابرُونَ أَجرَهُم بِغَير حِسَاب﴾
قال الأوزاعي: ليس يُوزن لهم ولا يُكال، إنما يُغرف لهم غَرفًا.
﴿يا لَيْتَني قَدّمْتُ لِحَيَاتِي﴾
حياته التي لا موت فيها يتمنّى في وقت ليس فيه إلا الحساب.
حياتك اليوم ساعة، وغدًا حياة سرمدية.
قدّم لحياتك: الصلاة، والبر، والصدقة، وحفظ اللسان، وحسن الخلق، والنصيحة، والتوبة العاجلة. وأكثر من ذكر الموت،
ولا تشغلك حياتك الصغيرة عن حياتك الكبيرة.
﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾
تأتيه وحدك، لا أهل، لا مال، لا جاه، لا حاشية، لا مُودّعون، ولا مُستقبلون. تأتيه وليس في بالك مصير أمّ، ولا أب، ولا ولد، ولا حبيب. تأتيه وقد بلغت القلوب الحناجر، وبدت السرائر.
تأتيه وليس معك إلا أعمالك التي عملتها الآن وقبل الآن.
﴿فَسَيَكْفِيكَ هُمُ اللهُ﴾
لم يقل: فسوف يكفيك الله إياهم!
بل جمع أداة الاستقبال، والفعل، والمفعول الأول والثاني=في كلمة واحدة ﴿فسيكفيكهم﴾
إذا أراد الله كفاية عبد=جمع له أسبابها، وجعلها أسهل ما تكون، وأسرع مما يظنّون، وأقوى مما يجمعون.
ورزقَه قبل ذلك عبودية الصبر وانتظار الفرج.
﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذي نَزَّلَ الكِتَابَ ۖوَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحين﴾
الله وليُّ كل صالح، فهو حسبه، وكافيه، وناصره، ومُعِزُّه.
وليُّه في الدنيا إذا خُذِل.
ووليّه في الآخرة إذا خاف.
ووليّه عند المصائب.
ووليّه الذي يبشره عند احتضاره.
الله وليُّ الصالحين،
فكيف بالمصلحين!
كان الناس يشترون ليستعملوا
واليوم يشترون ليُصوِّرا
﴿أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً﴾
والنتيجة:﴿وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه﴾
﴿ووُضِعَ الكتابُ فتَرَى المُجرِمِينَ مُشفِقِينَ ممَّا فِيه ويَقُولُون يَا وَيْلَتَنا مَالِ هَٰذَا الكتابِ لا يُغَادِرُ صَغيرَةً ولا كبِيرَةً إلَّا أَحْصَاها﴾
لم يُنكروا أعمالهم التي عملوها، بل تعجّبوا من دقة الإحصاء.
قال الفضيل بن عياض: "ضجّوا-واللهِ-من الصغائر قبل الكبائر"
﴿وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ﴾
الإيقاف وحده مُفزِع، تبلغ منه القلوب الحناجر.
فكيف بالأسئلة التي تتبعه؟
﴿وَنُقَلِّبُهُ مْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَال﴾
يُقلَّبون لئلا تأكلَ الأرضُ أبدانهم.
والله قادرٌ على منع الأرض مِن أكلِ أبدانهم بدون تقليب، ولكن قلّبهم ليعلم الناس أهمية الأخذ بالأسباب.
-﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ قالها موسى-عليه السلام-عندما حاصرهم فرعون وجندُه.
-﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ قالها رسول اللهﷺ عندما ضاقت السبل، ووقف كفار قريش على باب الغار.
إذا ازداد الحصار حولك، وضاقت بك السبل=فتذكّر أنّ الواسع العليم الذي وسعت رحمته كل شيء، معك.
﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ﴾
أي لأجل الرحمة، لا لأجل التصوير.
ياطالب العفاف يقول ربك:﴿وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم(إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)﴾
قالﷺ:"ثلاثة حق على الله عونهم...والناكح الذي يريد العفاف"
وقال أبوبكر:"أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى" احرص على العفاف ولو على الكفاف
سُمّي المال خيرًا في عدة آيات كقوله تعالى:
﴿قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ﴾
﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾
﴿إِن تَرَكَ خَيْرًا﴾
قيل: إنما سُمّي المال خيرًا؛ لأن حقّه أن يُنفق في وجوه الخير.
لقد وصف المُبطِلون أولياءَ الله بضدّ ما زكّاهم الله به:
فقالوا: ظلاميّون، والله يقول:﴿يخرجهم من الظلمات إلى النور﴾
وقالوا: رجعيّون، والله يقول:﴿والسابقون السابقون﴾
وقالوا: متخلّفون، والله يقول:﴿وأولئك هم المهتدون﴾
أرادوا أن يُقْصُوهم ويبعدوهم، والله يقول:﴿أولئك المقرّبون﴾
الله يسترك ليمنحك فرصة للتوبة،
﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾
وأهل الشهوات يسعون لفضحك ليحولوا بينك وبين التوبة،
﴿وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾
هذه الحبّات من الرمل والأتربة التي تحملها الرياح، وتنقلها في الجوّ من بلد لآخر، ومن قارّة لأخرى=يعلم الله كلّ حبة منها، يعلم وزنها، وعددها، وسيرها، ومكان مستقرّها، وعلى أيّ وجهٍ تستقرّ، لا يخفى عليه شيء منها.فسبحانه ﴿وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾
﴿ألا يَظنُّ أولئك أنّهم مبعوثون﴾=فيردّوا الحقوق إلى أهلها.
﴿ألا يَظنُّ أولئك أنّهم مبعوثون﴾=فيتحلّلوا ممن ظلموا اليوم.
﴿ألا يَظنُّ أولئك أنّهم مبعوثون﴾=فيُقبِلوا على الله بقلب سليم.
﴿ألا يَظنُّ أولئك أنّهم مبعوثون•ليومٍ عظيم•يومَ يقومُ الناس لربِّ العالمين﴾
يكفيك في عمل الخير أن الله يعلمه،
﴿وَكَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾
فلا تحرص على إعلام الناس به، فالرياء محبط للعمل، وسبب للذّل بين البشر.
ولا تحتقر القليل من الخير، فإن الله كبير وعطاءه كثير،
﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾
﴿فلا تَخضعنَ بالقول فيَطمعَ الذي في قلبه مرض﴾
إذا خضعت المرأة بالقول لمن في قلبه مرض شهوة، واستمر هذا الخضوع على ذلك القلب المريض، وكان كزيت سكبته على نار=فلا تسأل عن فضيحة مرتقبة، ولا عن بيت قد يحترق، ولا عن عقوبة تنتظرهما، ما لم يتداركا أنفسهما بتوبة نصوح، فالله يمهل ولا يهمل