Warning: Division by zero in [path]/includes/class_postbit.php(294) : eval()'d code on line 80
رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله (3) - منتدي عالمك
للنساء فقط
تدبر آية....(الكلم الطيب) 3 من [ امانى يسرى محمد ]

منتدى العالم الاسلامي

كل ما يتعلق بديننا الحنيف على مذهب أهل السنة فقط مواضيع في الدين - Islamic Forum مواضيع دينيه ، مواضيع اسلاميه ، مواضيع في الفقه والعقيده ، مواضيع عامه ، مواضيع للدين ، فتاوى دينيه ، فتاوى اسلاميه ، مواضيع اسلاميه منوعه ، مواضيع اسلاميه عامه ، مواضيع المنتدى الاسلامي ، منتدى اسلامي عام منوع ، منتديات اسلاميه ، منتدى اسلاميات ، نصائح دينيه ، فتاوى في الدين ، المنتدى الإسلامي ، منتديات الإسلام ديني

نسخ رابط الموضوع
https://vb.3almc.com/showthread.php?t=30906
446 0
03-22-2023
#1  

افتراضيرباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله (3)


أحمد الله بمحامده التي هو لها أهل، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد:

فقد سبق معنا في مقالتين: السلسلة الأولى والثانية، ذكر جملة من رباعيات العلامة ابن القيم (رحمه الله)، وسنذكر في هذا المقال السلسلة الثالثة، ومنها:
المخالطة:
قال - رحمه الله -: "الناس فيها أربعة أقسام، متى خلط أحد الأقسام بالآخر ولم يميز بينهما، دخل عليه الشر:
أحدها: مَن مخالطته كالغذاء، لا يستغنى عنه في اليوم والليلة؛ فإذا أخذ حاجته منه ترك الخلطة، ثم إذا احتاج إليه خالطه، هكذا على الدوام، وهذا الضرب أعز من الكبريت الأحمر، وهم العلماء بالله -تعالى- وأمره، ومكايد عدوه، وأمراض القلوب وأدويتها، الناصحون لله -تعالى- ولكتابه ولرسوله، ولخلقه، فهذا الضرب في مخالطتهم الربح كله.


القسم الثاني: من مخالطته كالدواء، يحتاج إليه عند المرض، فما دمت صحيحًا فلا حاجة لك في خلطته، وهم من لا يستغنى عن مخالطتهم في مصلحة المعاش، وقيام ما أنت محتاج إليه من أنواع المعاملات والمشاركات، والاستشارة والعلاج للأدواء ونحوها، فإذا قضيت حاجتك من مخالطة هذا الضرب بقيت مخالطتهم من:
القسم الثالث: وهم من مخالطته كالداء، على اختلاف مراتبه وأنواعه، وقوته وضعفه.


فمنهم: من مخالطته كالداء العضال والمرض المزمن، وهو من لا تربح عليه في دين ولا دنيا، ومع ذلك فلا بد من أن تخسر عليه الدين والدنيا، أو أحدهما، فهذا إذا تمكنت مخالطته واتصلت فهي مرض الموت المخوف.


ومنهم: من مخالطته كوجع الضرس، يشتد ضربًا عليك، فإذا فارقك سكن الألم.


ومنهم: من مخالطته حمى الروح، وهو الثقيل البغيض العَثِل، الذي لا يحسن أن يتكلم فيفيدك، ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك، ولا يعرف نفسه فيضعها في منزلتها، بل إن تكلم فكلامه كالعصي تنزل على قلوب السامعين مع إعجابه بكلامه وفرحه به، فهو يحدث من فيه كلما تحدث، ويظن أنه مسك يطيب به المجلس، وإن سكت فأثقل من نصف الرحا العظيمة، التي لا يطاق حملها ولا جرها على الأرض، ويذكر عن الشافعي - رحمه الله - أنه قال: "ما جلس إلى جانبي ثقيل إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أنزل من الجانب الآخر!"[1].


ورأيت يومًا عند شيخنا - قدس الله روحه - رجلًا من هذا الضرب، والشيخ يحمله، وقد ضعفت القوى عن حمله، فالتفت إلي وقال: مجالسة الثقيل حمى الربع، ثم قال: لكن قد أدمنت أرواحنا على الحمى، فصارت لها عادة، أو كما قال.


وبالجملة: فمخالطة كل مخالف حمى للروح فعرضية ولازمة.


ومن نكد الدنيا على العبد: أن يبتلى بواحد من هذا الضرب، وليس له بد من معاشرته ومخالطته؛ فليعاشره بالمعروف، حتى يجعل الله له فرجًا ومخرجًا.


القسم الرابع: من مخالطته الهلاك كله، ومخالطته بمنزلة أكل السم، فإن اتفق لأكله ترياق، وإلا فأحسن الله فيه العزاء، وما أكثر هذا الضرب في الناس - لا كثَّرهم الله - وهم أهل البدع والضلالة، الصادون عن سنة رسول الله، الداعون إلى خلافها، ﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ [الأعراف: 45] فيجعلون البدعة سنة، والسنة بدعة، والمعروف منكرًا، والمنكر معروفًا:
إن جردت التوحيد بينهم قالوا: تنقصت جناب الأولياء والصالحين.
وإن جردت المتابعة لرسول الله قالوا: أهدرت الأئمة المتبوعين.


وإن وصفت الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله من غير غلو ولا تقصير، قالوا: أنت من المشبهين.


وإن أمرت بما أمر الله به ورسوله، من المعروف، ونهيت عما نهى الله عنه ورسوله من المنكر، قالوا: أنت من المفتنين.


وإن اتبعت السنة، وتركت ما خالفها، قالوا: أنت من أهل البدع المضلين.


وإن انقطعت إلى الله تعالى، وخليت بينهم وبين جيفة الدنيا، قالوا: أنت من الملبِّسين.


وإن تركت ما أنت عليه واتبعت أهواءهم، فأنت عند الله تعالى من الخاسرين، وعندهم من المنافقين.


فالحزمُ كل الحزم التماس مرضاة الله تعالى ورسوله بإغضابهم، وألا تشتغل بإعتابهم، ولا باستعتابهم، ولا تبالي بذمهم ولا بغضبهم؛ فإنه عينُ كمالِك، كما قال:
وإذا أَتَتْك مَذَمَّتي مِن ناقصٍ رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله (3)
فهي الشَّهادةُ لي بأنِّيَ كاملُ رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله (3)


وقال آخر:
وقد زادني حبًّا لنفسيَ أنَّني رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله (3)
بغيضٌ إلى كل امرئ غير طائل[2]رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله (3)


الروابط بين جملتين:
وقال - رحمه الله -: "الروابط بين جملتين هي الأدوات التي تجعل بينهما تلازمًا لم يفهم قبل دخولها، وهي أربعة أقسام:
أحدها: ما يوجب تلازمًا مطلقًا بين الجملتين، إما بين ثبوت وثبوت، أو بين نفي ونفي، أو بين نفي وثبوت، وعكسه في المستقبل خاصة، وهو حرف الشرط البسيط كـ: (إن)؛ فإنها تلازم بين هذه الصور كلها، تقول: إن اتقيت الله أفلحت، وإن لم تتق الله لم تفلح، وإن أطعت الله لم تخب، وإن لم تطع الله خسرت؛ ولهذا كانت أم الباب وأعم أدواته تصرفًا.

القسم الثاني: أداة تلازم بين هذه الأقسام الأربعة تكون في الماضي خاصة، وهي: (لما)، تقول: لما قام أكرمته، وكثير من النحاة يجعلها ظرف زمان، وتقول: إذا دخلت على الفعل الماضي فهي اسم، وإن دخلت على المستقبل فهي حرف، ونص سيبويه على خلاف ذلك، وجعلها من أقسام الحروف التي تربط بين الجملتين، ومثال الأقسام الأربعة: لما قام أكرمته، ولما لم يقم لم أكرمه، ولما لم يقم أكرمته، ولما قام لم أكرمه.

القسم الثالث: أداة تلازم بين امتناع الشيء، لامتناع غيره، وهي: (لو)، نحو: لو أسلم الكافر نجا من عذاب الله.

القسم الرابع: أداة تلازم بين امتناع الشيء ووجود غيره، وهي: (لولا)، نحو: لولا أن هدانا الله لضللنا"[3].

مراتب الصبر:
وقال - رحمه الله -: "المراتب أربعة:
إحداها: مرتبة الكمال، وهي مرتبة أولي العزائم، وهي: الصبر لله وبالله، فيكون في صبره مبتغيًا وجه الله، صابرًا به، متبرئًا من حوله وقوته، فهذا أقوى المراتب وأرفعها وأفضلها.


الثانية: ألا يكون فيه لا هذا ولا هذا؛ فهو أخس المراتب، وأردأ الخلق، وهو جدير بكل خذلان، وبكل حرمان.


الثالثة: مرتبة من فيه صبر بالله، وهو مستعين متوكل على حوله وقوته، متبرئ من حوله هو وقوته، ولكن صبره ليس لله؛ إذ ليس صبره فيما هو مراد الله الديني منه، فهذا ينال مطلوبه، ويظفر به، ولكن لا عاقبة له، وربما كانت عاقبته شر العواقب، وفي هذا المقام خفراء الكفار، وأرباب الأحوال الشيطانية؛ فإن صبرهم بالله، لا لله، ولا في الله، ولهم من الكشف والتأثير بحسب قوة أحوالهم، وهم من جنس الملوك الظلمة؛ فإن الحال كالمُلك يعطاه البر والفاجر، والمؤمن والكافر.


الرابع: من فيه صبر لله، لكنه ضعيف النصيب من الصبر به، والتوكل عليه، والثقة به، والاعتماد عليه، فهذا له عاقبة حميدة، ولكنه ضعيف عاجز مخذول في كثير من مطالبه؛ لضعف نصيبه من: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، فنصيبه من الله: أقوى من نصيبه بالله، فهذا حال المؤمن الضعيف، وصابر بالله لا لله: حال الفاجر القوي، وصابر لله وبالله: حال المؤمن القوي، ((والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف))[4]، فصابر لله وبالله عزيز حميد، ومن ليس لله ولا بالله مذموم مخذول، ومن هو بالله لا لله قادر مذموم، ومن هو لله لا بالله عاجز محمود، فبهذا التفصيل يزول الاشتباه في هذا الباب، ويتبين فيه الخطأ من الصواب، والله سبحانه وتعالى أعلم"[5].


الهدى والشقاوة:
وقال - رحمه الله -: في قوله - عز وجل -: ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ [طه: 123] "فنفى عن متبع هداه أمرين: الضلال والشقاء.

قال عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما -: "تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه: ألا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة، ثم قرأ: ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ [طه: 123]"[6].

والآية نفت مسمى الضلال والشقاء عن متبع الهدى مطلقًا، فاقتضت الآية: أنه لا يضل في الدنيا ولا يشقى، ولا يضل في الآخرة ولا يشقى فيها، فإن المراتب أربعة:
هدى وشقاوة في الدنيا، وهدى وشقاوة في الآخرة، لكن ذكر ابن عباس - رضي الله عنهما - في كل دار أظهر مرتبتيها، فذكر الضلال في الدنيا؛ إذ هو: أظهر لنا وأقرب من ذكر الضلال في الآخرة، وأيضًا: فضلال الدنيا أضل ضلال في الآخرة، وشقاء الآخرة مستلزم للضلال فيها، فنبه بكل مرتبة على الأخرى، فنبه بنفي ضلال الدنيا على نفي ضلال الآخرة؛ فإن العبد يموت على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه[7]..."[8].

تفسير:
وقال - رحمه الله -: في قوله - عز وجل -: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172]: "فالأقسام أربعة:
أحدها: استواء حالتهم وقت أخذ العهد ووقت سقوطهم في العلم والمعرفة.


الثاني: استواء الوقتين في عدم ذلك.


الثالث: حصول المعرفة عند السقوط، وعدمها عند أخذ العهد، وهذه الأقسام الثلاثة باطلة، لا يقول بواحد منها.


الرابع: معرفتهم وفهمهم وقت أخذ العهد، دون وقت السقوط، وهذا يقوله كل من يقول: إنه أخرجهم من صلب أبيهم آدم، وكلمهم وخاطبهم، وأشهد عليهم ملائكته، وأشهدهم على أنفسهم، ثم ردهم في صلبه، وهذا قول جماهير من السلف والخلف، واعتمدوا على ما ذكرنا من هذه الآثار، مرفوعها وموقوفها"[9].

الوسائل والمقاصد:
وقال - رحمه الله -: "... فالأقسام أربعة لا خامس لها:
أحدها: معطل الأسباب، معرض عنها.


الثاني: مكب عليها، واقف مع جمعها وتحصيلها.


الثالث: متوصل بها إلى ما يضره ولا ينفعه، في معاشه ومعاده، فهؤلاء الثلاثة في الخسران.


الرابع: متوصل بها إلى ما ينفعه في معاشه ومعاده، وهو الرابح؛ قال -تعالى-: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [هود: 15، 16]"[10].


مر السهم على اليد:
وقال - رحمه الله -: "وهو على أربعة أنواع:
[الأول]: منهم: من يجريه على عقدة إبهامه.


[الثاني]: ومنهم: من يجريه على سبابته، ويميل إبهامه عن السهم.


[الثالث]: ومنهم: من يرفع إبهامه، ويجعل سبابته تحتها، فيصير كأنه عاقد ثلاثة عشر[11]، فيجري السهم على ظفر إبهامه.


[الرابع]: ومنهم: من يجريها على طرفي أصبعيه السبابة والإبهام، فيكون كأنه عاقد ثلاثين[12].


فمن أجراها على عقدة إبهامه فهو عيب عند الحذاق؛ لأنه لا يخلو أن يضربه فيه الريش، فيجرحه، وربما ضربه السهم فعقر أصبعه.


وأما من يجريها على سبابته، وهو أحسن قليلًا من الأول، وكلاهما مذهب أهل الاستواء في قبضته، وليسا بجيدين.


وأما من يجريها على أصل ظفري أصبعيه الإبهام والسبابة، كعاقد ثلاثين، فهو مذهب التوسط، وهو أحمد المذاهب.


وأما من وقف إبهامه، فيجريها على طرف ظفره، كعاقد ثلاث عشرة فهو مذهب أهل التحريف، وهو رديء جدًّا؛ لأن صاحبه يحرف قبضته تحريفًا شديدًا، ويوقف إبهامه، فإن هو أمال قوسه قليلًا سقط السهم من على ظفره، وهو رديء في الحرب، لا يكاد يستقيم له رمي؛ لسرعة سقوط سهمه"[13].

الذرائع:
وقال - رحمه الله -: "القسم من الذرائع نوعان:
أحدهما: أن تكون مصلحة الفعل أرجح من مفسدته.


والثاني: أن تكون مفسدته راجحة على مصلحته، فها هنا أربعة أقسام:
الأول: وسيلة موضوعة للإفضاء إلى المفسدة.


الثاني: وسيلة موضوعة للمباح؛ قصد بها التوسل إلى المفسدة.


الثالث: وسيلة موضوعة للمباح، لم يقصد بها التوسل إلى المفسدة، لكنها مفضية إليها غالبًا، ومفسدتها أرجح من مصلحتها.


الرابع: وسيلة موضوعة للمباح، وقد تفضي إلى المفسدة، ومصلحتها أرجح من مفسدتها.


فمثال القسم الأول والثاني: قد تقدم.


ومثال الثالث: الصلاة في أوقات النهي، ومسبة آلهة المشركين بين ظهرانَيْهم، وتزين المتوفى عنها في زمن عدتها، وأمثال ذلك.


ومثال الرابع: النظر إلى المخطوبة، والمستامة، والمشهود عليها، ومن يطؤها، ويعاملها، وفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، وكلمة الحق عند ذي سلطان جائر، ونحو ذلك"[14].


إدراك الحق وتنفيذه:
وقال - رحمه الله -: "في قوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ﴾ [ص: 45]، فالأيدي: القوة في تنفيذ الحق، والأبصار: البصائر في الدين، فوصفهم بكمال إدراك الحق، وكمال تنفيذه، وانقسم الناس في هذا المقام أربعة أقسام:
[الأول]: فهؤلاء أشرف الأقسام من الخلق، وأكرمهم على الله تعالى.


القسم الثاني: عكس هؤلاء، من لا بصيرة له في الدين، ولا قوة على تنفيذ الحق، وهم أكثر هذا الخلق، الذين رؤيتهم قذى للعيون، وحمى الأرواح، وسقم القلوب، يضيقون الديار، ويغلون الأسعار، ولا يستفاد من صحبتهم إلا العار والشنار.


القسم الثالث: من له بصيرة في الهدى، ومعرفة به، لكنه ضعيف لا قوة له على تنفيذه، ولا الدعوة إليه، وهذا حال المؤمن الضعيف، ((والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله منه))[15].


القسم الرابع: من له قوة وهمة وعزيمة، لكنه ضعيف البصيرة في الدين، لا يكاد يميز بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، بل يحسب كل سوداء تمرة، وكل بيضاء شحمة، يحسب الورم شحمًا، والدواء النافع سمًّا، وليس في هؤلاء من يصلح للإمامة في الدين، ولا هو موضعًا لها سوى القسم الأول.


قال الله -تعالى-: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24]، فأخبر سبحانه أن بالصبر واليقين نالوا الإمامة في الدين، وهؤلاء هم الذين استثناهم الله - سبحانه - من جملة الخاسرين، وأقسم بالعصر - الذي هو زمن سعي الخاسرين والرابحين - على أن من عداهم فهو من الخاسرين، فقال -تعالى-: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3]، فلم يكتفِ منهم بمعرفة الحق والصبر عليه، حتى يوصي بعضهم بعضًا، ويرشده إليه، ويحثه عليه؛ وإذا كان مَن عدا هؤلاء خاسرًا، فمعلوم أن المعاصي والذنوب تعمي بصيرة القلب، فلا يدرك الحق كما ينبغي، وتضعف قوته وعزيمته، فلا يصبر عليه، بل قد تتوارد على القلب حتى ينعكس إدراكه كما ينعكس سيره، فيدرك الباطل حقًّا، والحق باطلًا، والمعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، فينتكس في سيره، ويرجع عن سفره، إلى مستقر النفوس المبطلة التي رضيت بالحياة الدنيا، واطمأنت بها، وغفلت عن الله وآياته، وتركت الاستعداد للقائه.


ولو لم يكن في عقوبة الذنوب إلا هذه وحدها، لكانت كافية داعية إلى تركها، والبعد منها، والله المستعان"[16].


حال الزوجين مع الأبناء:
وقال - رحمه الله - في قوله -تعالى-: ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ [الشورى: 49، 50] "فقسم سبحانه حال الزوجين إلى أربعة أقسام، اشتمل عليها الوجود..."[17].


[1] لم أجده مع كثرة ما بحثت عنه.

[2] بدائع الفوائد (2/ 498).

[3] بدائع الفوائد (1/ 47).

[4] أخرجه مسلم رقم: (2664) عن أبي هريرة - رضي الله عنه.

[5] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (2/ 169-170).


[6] أخرجه الحاكم (2/ 381) بنحوه، وابن أبي شيبة في المصنف (7/ 136)، ولفظه: "ضمن الله لمن اتبع القرآن: ألا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة"، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال الذهبي: "صحيح"، والأثر له طرق عن ابن عباس - رضي الله عنهما - موقوفًا، وقد روي مرفوعًا ولا يصح؛ انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة (10/ 34) رقم: (4532)، وانظر: الدر المنثور (4/ 311)، وللفائدة انظر: مجموع الفتاوى (19/ 77)، ودرء تعارض العقل والنقل (1/ 89) لابن تيمية، والصواعق المرسلة (3/ 845) لابن القيم.

[7] أخرج أحمد (3/ 314)، والحاكم (4/ 348) واللفظ له، عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من مات على شيء، بعثه الله عليه))، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، وقال الذهبي في التلخيص: "على شرط مسلم"، وقال الألباني: "وهو كما قالا"؛ السلسلة الصحيحة (1/ 510) رقم: (283)، وصححه شعيب الأرناؤوط، مع تضعيفه لإسناد أحمد؛ لأن فيه راويًا مبهمًا.

[8] مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 35).

[9] أحكام أهل الذمة (2/ 1001).

[10] عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (ص:135)، وانظر للفائدة: مقال رباعيات ابن القيم (رحمه الله) 3، أقسام الناس في طلب الأسباب.

[11] وهذه إشارة إلى طريقة معروفة تواطأت عليها العرب في عقود الحساب، وهي أنواع من: الآحاد، والعشرات، والمئين، والألوف، وانظر للفائدة: سبل السلام شرح بلوغ المرام (1/ 189) لمحمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني - رحمه الله.

[12] وهذه إشارة إلى طريقة معروفة تواطأت عليها العرب في عقود الحساب، وهي أنواع من: الآحاد، والعشرات، والمئين، والألوف، وانظر للفائدة: سبل السلام شرح بلوغ المرام (1/ 189) لمحمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني - رحمه الله.

[13] الفروسية (ص: 486).

[14] إعلام الموقعين عن رب العالمين (3/ 165).

[15] تقدم.

[16] الجواب الكافي (ص: 63).


[17] تحفة المودود بأحكام المولود (ص:20).





بكر البعداني



شبكة الالوكة








الكلمات الدلالية (Tags)
(3), الله, العمالة, القدم, ابو, رباعيات, رحمه


الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله (2) امانى يسرى محمد منتدى العالم الاسلامي 0 03-19-2023 06:06 AM
رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله (1) امانى يسرى محمد منتدى العالم الاسلامي 0 03-19-2023 05:56 AM
(من درر العلامة ابن جبرين رحمه الله) امانى يسرى محمد منتدى العالم الاسلامي 0 02-11-2023 06:50 AM
رقائق منتقاة من مصنفات العلامة ابن عثيمين رحمه الله امانى يسرى محمد منتدى العالم الاسلامي 0 12-27-2022 06:25 PM
رقائق منتقاة من مصنفات العلامة ابن عثيمين رحمه الله امانى يسرى محمد منتدى العالم الاسلامي 0 12-26-2022 03:57 PM


الساعة الآن 05:55 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd Trans
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل