“الكبر” آفة من آفات القلوب المهلكة
{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} [الأعراف:١٢]
آفة الكبر آفة عظيمة، والكبر -كما تعلم- إنما هو بطر الحق وغمط الناس، بمعنى احتقار الناس وازدرائهم والنظر إليهم على أنهم أقل درجة من الإنسان، وعدم قبول الحق ممن يأتي منه
فإن التكبر هو إظهار العامل إعجابه بنفسه بصورة تجعله يحتقر الآخرين في أنفسهم وينال من ذواتهم
جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدجل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال: أن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس)
{ سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق } أي: أنهم يرون أنهم أفضل الخلق وأن لهم من الحق ما ليس لغيرهم)
يقولُ ابنُ قُدامةَ المَقدِسيُّ:
(واعلَمْ أنَّ العُلَماءَ والعُبَّادَ في آفةِ الكِبْرِ على ثلاثِ دَرَجاتٍ:
- الأولى: أن يكونَ الكِبْرُ مُستقرًّا في قلبِ الإنسانِ منهم، فهو يرى نفسَه خيرًا من غيرِه، إلَّا أنَّه يجتَهِدُ ويتواضَعُ، فهذا في قَلبِه شجرةُ الكِبْرِ مغروسةٌ، إلَّا أنَّه قد قطَع أغصانَها.
- الثَّانيةُ: أن يُظهِرَ لك بأفعالِه من التَّرفُّعِ في المجالِسِ، والتَّقدُّمِ على الأقرانِ، والإنكارِ على من يُقصِّرُ في حقِّه، فترى العالمَ يُصَعِّرُ خَدَّه للنَّاسِ، كأنَّه مُعرِضٌ عنهم، والعابِدُ يعيشُ ووجهُه كأنَّه مستقذِرٌ لهم، وهذان قد جَهِلا ما أدَّب اللهُ به نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم، حينَ قال: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء: 215].
- الدَّرجةُ الثَّالثةُ: أن يُظهِرَ الكِبْرَ بلسانِه، كالدَّعاوى والمفاخِرِ، وتزكيةِ النَّفسِ، وحكاياتِ الأحوالِ في مَعرِضِ المفاخرةِ لغيرِه، وكذلك التَّكبُّرُ بالنَّسَبِ؛ فالذي له نَسَبٌ شريفٌ يستحقِرُ من ليس له ذلك النَّسَبُ وإن كان أرفَعَ منه عملًا. قال ابنُ عبَّاسٍ: يقولُ الرَّجُلُ للرَّجُلِ: أنا أكرَمُ منك، وليس أحدٌ أكرَمَ من أحدٍ إلَّا بالتَّقوى. قال اللهُ تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13]، وكذلك التَّكبُّرُ بالمالِ، والجَمالِ، والقُوَّةِ، وكثرةِ الأتباعِ، ونحوِ ذلك) .
{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} [الأعراف:١٢]
{أنا خير منه} هي كلمة إبليس التي هلك بسببها... ويكررها بعضنا في نفسه كل يوم !!!
أول ذنب عُصِيَ الله به سببه الكبر ، وأول حجة له قياس فاسد ، فإبليس استكبر فعصى..
{خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} من قاس الدّين برأيه فقد ضاهى إبليس و قرَنه الله مع إبليس .
احذر أربع كلمات مهلكات : أنا ، لي ، عندي ، نحن . {أنا خير منه} {أليس لي ملك مصر} {قال إنما أوتيته على علم عندي} {نحن أولوا قوة}
مازاد أحدٌ كبراً إلا زاده الله ذلاً في نفوس الناس ، ومن تكبر على الله أذله {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ}
والذنوب ليست بحجمها فصغيرة مع كبر ، أعظم من كبيرة مع غفلة.
اللهم نعوذ بك من الكبر ، وهنيئاً لمن تواضع وخضع لله فرفعه في عليين .
إقرئي المزيد :
من مواضيع : امانى يسرى محمد