Warning: Division by zero in [path]/includes/class_postbit.php(294) : eval()'d code on line 80
لا تطلبوا الأرزاق إلا من الرزاق - منتدي عالمك
للنساء فقط

السنة النبوية الشريفة

كل ماأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول او فعل او تقرير او صفة خلقية او خُلقية. الاحاديث الشريفة,سيرة النبي,السنة النبوية الصحيحة.ماهي السنة النبوية.أحاديث رسول الله و إحياء السنة النبوية الشريفة: قسم للأحاديث النبوية و شرحها مع ذكر الراوي و مصدر الحديث و طرح سنن رسول الله لإتباعها و نشرها و إحيائها,السنة النبوية مكوناتها و خصائصها و مقاصدها , الاحاديث النبوية كاملة , ما هي السنة النبوية , بحث عن السنة النبوية , الحديث النبوي

نسخ رابط الموضوع
https://vb.3almc.com/showthread.php?t=29292
855 1
10-09-2022
#1  

افتراضيلا تطلبوا الأرزاق إلا من الرزاق


ي الآونة الأخيرة ازدادَ همُّ الناس على أرزاقهم؛ يبحثون عن الرزق في المشرق والمغرب، في الشمال والجنوب، في الأرض، في العمل، والرزق مكفولٌ عند الله سبحانه وتعالى؛ لذلك ما دام الرِّزقُ عند الله، لماذا نطلبه من غيره؟ وقد قال سبحانه: ﴿ فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [العنكبوت: 17]، فمِن عَبْدِ اللهِ الطاعةُ والعبادة، ومِن اللهِ الرزقُ والإعانة، ﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ [الزمر: 2] تُرْزَقْ يا عبد الله، وما تراه حولك إنما هو أسباب، فعملُك وصحتُك رزقٌ من الله سبحانه وتعالى، ساق إليك صحة رزقك إياها، فعملت فجاءك الرزق، هذه أسباب وقد تكون الأسباب عند الأفراد أو عند الدول، أو عند غيرهم، أو عند ما لا تحتسب، فالرزق عند مَنْ؟ عند الله سبحانه وتعالى.




الرزق أين هو يا عباد الله؟ كما قال الله عز وجل: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ [الذاريات: 22]، بعض الناس قد ينكر ذلك، ولا يفكِّر أن الرزق في السماء؛ لذلك أقسم الله عز وجل، فقال بعد هذه الجملة في نفس الآية مباشرة: ﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ [الذاريات: 23].



هل يشكُّ أحدٌ في أنه يتكلم أو ينطق؟ لا تشك في كلامك، فإنك تتكلم وقتما تشاء بما تشاء، مثل هذا النطق مثل هذا التفكير، مثل هذا الاعتقاد؛ رزقك في السماء، وسيأتيك كاملًا لا محالة، لكنَّ الناس يستعجلون.



هذا الرزق موزَّعٌ كما يشاء الله عزَّ وجلَّ على عباده، قال سبحانه وتعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ: 39].



﴿ يَبْسُطُ؛ يعني بعض الناس يغنيهم ويعطيهم، وبعضهم ﴿ يَقْدِرُ عليه؛ أي: يضيِّقُ على بعض الناس حتى يكون الناس بعضهم لبعض خدمًا، فكلٌّ في حاجة الآخر، فالفقيرُ يشتغل ويعمل عند الغني، والغني ليس له قدرة في العمل، فيحتاج إلى عمل العامل، فتوزَّعت الأرزاق بأمر الله سبحانه وتعالى.



وأغنى الناسِ هو هذا الإنسان أنا وأنت، من انطبقت فيه هذه الصفات الثلاث، من تملَّكَها فهو غنيٌّ ليس غنيًّا فقط؛ بل حيزت له الدنيا بحذافيرها، كما قال صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عن عُبَيْدِ اللهِ بْنِ محْصَنٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)-رواية الترمذي وابن ماجه، وزادت روايات أخرى-: ((بِحَذَافِيرِهَا))؛ أي: بأطرافها؛ (ت) (2346)، (جه) (4141)، (خد) (300)، صحيح الأدب المفرد: (230)، (الآحاد والمثاني) (ح2126)، صحيح الجامع: (6042)، الصَّحِيحَة: (2318).



و(السِّرْبُ): الْجَمَاعَةُ، وَالْمَعْنَى فِي أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ، و(حِيزَتْ)؛ أي: جُمِعَتْ.



وماذا يريد الإنسان غير هذه الثلاث؟ فالزيادة عنها كماليَّات، فالأمن إن افتقدناه نطلب من الله أن يرزقنا إياه.



((مُعافًى في جسَدِه)المعافاة والصحة إن افتقدناهما نطلبهما من الله، اللهم ارزقنا صحة وعافية.



((عنده قوتُ يومِه))، وفي رواية (خد) (300): ((عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمِهِ))، طعام اليوم فقط، ليس غدًا وبعد غد وما شابه ذلك، ومن افتقد هذا الرزق، وضُيِّقَ عليه؛ فليطلبه من الله سبحانه وتعالى، فسيُهيِّئه الله له.



فإذا رزق الله بعض الناس كالعمال مثلًا، إذا صدر له تصريح أو ما شابه ذلك، أو مات له ميِّت، فجاءته تركة وورثة، ورث مالًا، أو اشتغل فوجد له راتبًا أو نحو ذلك، ينسى أنَّ اللهَ هو الذي رزقه ذلك، وأن تلك الأمور ما هي إلا أسباب هيَّأها الوهَّابُ سبحانه، فهذه الأرزاق من الله سبحانه وتعالى؛ لذلك قال الله عز وجل في سورة الواقعة: ﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ [الواقعة: 82]؛ أي: تجعلون مقابلة مِنَّةِ الله عليكم بالرزق؛ التكذيبَ والكفرَ لنعمة الله، فتقولون -مثلًا-: مُطرنا بنوء كذا وكذا، وتضيفون النعمة لغير مُسديها وموليها، فهلَّا شكرتم الله تعالى على إحسانه، إذ أنزله الله إليكم ليزيدَكم من فضله، فإنَّ التكذيبَ والكفرَ داعٍ لرفعِ النِّعَم، وحلولِ النقم؛ من تفسير السعدي (ص: 836).



فالتكذيب هنا؛ يعني: ألَّا تظنَّ أنَّ هذا الرزق من الله! فتح عليك بابَ عمل، أو وظيفة أو راتب، أو جاءك مال من حيث لا تحتسب، لماذا لا تشكر الله سبحانه وتعالى؟ لماذا لا تحمده؛ لأنه هو الذي هيَّأ هذا الأمر وسبَّبه؟!



ونحن نشكر الله عزَّ وجلَّ أولًا، ثم الدولَ العربيَّةَ التي تساعد هذا الشعبَ المسكين، وهذا القطاعَ المقطوع، ننتظر المائة دولار من قطر الخير، ودُمِّرت غزة؛ فجاءت مصر الكِنانة فبنَت ورمَّمَتْ، ودول الخليج تدعم غزة وفلسطين والناس، المغرب العربي والأردن وغيرهما تساهم بمستشفيات ميدانية وإمدادات.



هذه أرزاق الله، جعل هؤلاء أسبابًا، وليسوا هم الأصل في هذا؛ وإنما الله هيَّأهم لهذه الأمور، ولو لم يُهيِّئْها الله لامتنعت عنا، ولو حاول الناس جميعًا أن ينفعونا لم ينفعونا إلا بشيء قد كتبه الله لنا.



وبعض الناس في هذا الوقت يظنُّ أنَّ الرزق عند المنسق والمشغِّل، تعرفون المنسِّق؟ ويظن الكثيرُ منَّا أنَّ الرزقَ عنده بإشارة منه، لا والله، الرزق عنده سبحانه في السماء؛ وإنما هذا اليهوديُّ جعله الله سببًا، قهره الله عزَّ وجلَّ من حيث لا يشعر، قهره بما شاء من عنده؛ بأن يكون خادمًا لك، فتشتغل عنده حتى ترجع بالمائتين والأربعمائة شيكل، أو أكثر أو أقل، ﴿ فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [العنكبوت: 17]، يا عباد الله.



والأرزاق تزيدُ بأسباب، فإن أردت أن يزيد رزقُك، ويُباركَ لك فيه؛ فما عليك إلا أن تزيد بحمد الله، وتزيد بشكره، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم: 7].



فالشكرُ يزيدُ النعمةَ، والشكرُ يكون بالقلب والقول، ويكون بالعمل، الله سبحانه وتعالى فتح لبعضنا بابًا من أبواب الرزق؛ بأن رُزِقَ عملًا، أو رُزِقَ مالًا أو نحو ذلك، فليعمل شكرًا، كأن يذبحَ ذبيحةً لله، دون نذر؛ شكرًا لله، أو يجعل ماءً للسبيل شكرًا لله، أو يغيث ملهوفًا، أو فقيرًا أو نحو ذلك شكرًا لله، عمل، قال سبحانه: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ: 13]، شُكْرٌ بالقلب، وبالقول وبالعمل، إذا أردت أن يثبت لك راتبك أو دَخْلك، أو عملك فازدد للهِ شكرًا، واعلمْ أنَّ اللهَ هو الذي وهبك ذلك، ورزقك إياه.



فالحمدُ لله، والشكرُ لله على هذه النِّعَم الكثيرة، التي يظنُّها الناس فقط في الأموال؛ وإنما هي نعمة الصحة والعافية، نعمةُ هدوءِ البال والراحة، نعمةُ السكينة، نعمة الأمْن والأمان.



أيضًا تزيد الأرزاق بِبِرِّ الوالدين، وصِلة الأرحام، وحُسنِ الخُلُق، وحسن الجوار، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ، وَأَنْ يُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ))؛ (حم) (13425)، (13838)، (خ) (5639)، (5640)، (م) 21- (2557)، (د) (1693).



وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((صِلَةُ الرَّحِمِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ، وَحُسْنُ الْجِوَارِ، يَعْمُرَانِ الدِّيَارَ، وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَارِ) (حم) (25298)، الصَّحِيحَة: (519)، صَحِيح التَّرْغِيبِ: (2524)، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.



وَعَنْ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ، مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ) (ت) (1979)، (حم) (8855)، صَحِيح الْجَامِع: (2965)، الصَّحِيحَة: (276). قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي: مَعْنَى قَوْلِهِ: ((مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ))؛ يَعْنِي: زِيَادَةٌ فِي الْعُمُرِ.




هذه ليست صعبة - والله- على من أراد الخير، فإن فعل ذلك انظر إليه، وانظروا ماذا عنده؛ ما شاء الله من أرزاق حتى لو كان مقصِّرًا، حتى لو كان عنده بعض الذنوب، فقد ورد عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ أَعْجَلَ الطَّاعَةِ ثَوَابًا)) الطاعة: العبادة، قد يكون ثوابُها مؤجَّلًا إلى يوم القيامة؛ لكن هناك طاعاتٌ وعباداتٌ وأعمالٌ صالحاتٌ ثوابها معجَّلٌ في الدنيا قبل الآخرة، منها: صِلَةُ الرَّحِمِ، وما أكثر قاطعي الأرحام في هذا الزمان!



((حَتَّى إِنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ لَيَكُونُونَ فَجَرَةً))، أهل البيت يكونون فُجَّارًا، فالأسرة فيها الذي يشرب التتن والدخان ويشرب كذا، والذي عنده معاصٍ وذنوب وخطايا، ماذا يا رسول الله؟ حتى إن أهل البيت ليكونون فجرة: ((فَتَنْمُو أَمْوَالُهُمْ، وَيَكْثُرُ عَدَدُهُمْ إِذَا تَوَاصَلُوا))، ما نَسوا أرحامَهم، ما نسوا أقاربهم مع أنهم فجرة، فالأرزاق ليست للصالحين فقط، الله يرزُقُ حتى الكُفَّار والفجرة، أغنى الناس اليوم دولُ الغرب، ودولُ الشرق، وأفقرُ الناس دولُ العرب، والمسلمين؛ إذًا الرزق ليس له حدُّ إيمانٍ وعدمه، الإيمان قد يزيد في هذه الأعمال، هؤلاء أهل بيت يكونون فجرةً تنمو أموالهم ويكثر عددهم، إذا تواصلوا.



((وَمَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يَتَوَاصَلونَ فَيَحْتَاجُونَ) (حب) (440)، (طس) (1092)، انظر: صَحِيح الْجَامِع: (5705)، صَحِيح التَّرْغِيبِ: (2537).



فأهل البيت الذين يكون بينهم صلة الأرحام، لا يمكن أن يحتاجوا إلى غيرهم إن شاء الله، لن يحتاجوا إلى ديون ونحو ذلك، إنها صلة الأرحام.



وتزيد الأرزاق أيضًا بالإنفاق، أنفقْ عبدَ الله، أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب، أنفق ولا تخشَ من ذي العرش إقلالًا، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: (عَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِلالًا، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ صُبَرًا مِنْ تَمْرٍ)، فَقَالَ: ((مَا هَذَا يَا بِلالُ؟!)) قَالَ: (تَمْرٌ ادَّخَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ)، قَالَ: ((أَمَا خِفْتَ أَنْ تَسْمَعَ لَهُ بُخَارًا فِي جَهَنَّمَ؟! أَنْفِقْ بِلالُ؛ وَلا تَخَافَنَّ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا))؛ (يع) (6040)، (طب) (1024)، صَحِيح الْجَامِع: (1512)، الصَّحِيحَة: (2661)، صَحِيح التَّرْغِيبِ: (922).



فالإنفاق يزيد الرزق، ولا ينقصُه، وهذا الإنفاق يدخل فيه الإنفاق على ذوي الأرحام وغيرهم من الفقراء والمساكين، والأرامل، واليتامى، ونحوهم، قال سبحانه: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ: 39]، الله هو الذي يخلف علينا، وما أجمل دعاء المسلمين فيما بينهم: (الله يخلف عليك يا فلان)، دعوة طيبة، الخَلَف على الله سبحانه وتعالى.



وأيضًا يزداد الرزق بكثرة الاستغفار؛ فقد قال الله سبحانه عن نوح عليه السلام وهو يرشد قومه إلى الاستغفار مبينًا فضله وفوائده: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا *يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا [نوح: 10 - 14].



كذلك الدعاء، الدعاء بخيري الدنيا والآخرة، الدعاء بأن يرزقك الله ولا يحوجك أن تمد يدك متسوِّلًا إلى الناس، فأكثر من هذا الدعاء: ((اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ))؛ (حم) (1319)، (ت) (3563)، (ك) (1973)، (الضياء) (489)، انظر: صَحِيح الْجَامِع: (2625)، الصَّحِيحَة: (266). أكثر منه يا عبد الله.



كذلك الصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من أكثر منها؛ كُفِيت همومه، وغُفِرت ذنوبه، فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم صاحبَه أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه الذي أراد أن يجعل كلَّ دعائِه صلاةً عليه صلى الله عليه وسلم، فقَالَ: ((إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ))؛ (ت) (2457)، (ك) (3578)، صَحِيح الْجَامِع: (7863)، الصَّحِيحَة: (954)، صَحِيح التَّرْغِيبِ: (1670).




سؤال: لماذا لم يجعل اللهُ الناس كلَّهم أغنياء؟

لو افترضنا أنَّ كلَّ الذين في المسجد ما شاء الله، كلُّ واحد يملك مائةَ مليون دينار، أو الناس كلُّهم هكذا، ماذا يحدث؟ الجواب في كتاب الله سبحانه وتعالى، قال سبحانه: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ [الشورى: 27].



يُعطي الرزق من شاء بقَدَرٍ، ويقدِّرُ ويضيِّقُ الرزق على من شاء؛ أي: يضيق عليه رزقه بما شاء سبحانه، لحِكَمٍ أرادها، فلو بسط الرزق للجميع؛ لانتشر البغيُ والظلمُ والاعتداء، فلن تجد عاملًا يشتغل لك شيئًا في بيتك، لن تعمر البيوت، ولن تعمر الأرض إلا بالتفاوت في الرزق، حتى يحتاج الناس بعضهم إلى بعض، فالغني يحتاج إلى الفقير، والفقير يحتاج إلى الغني حتى تسير الحياة.



وهناك سؤال آخر؛ أنت تدعو الله عزَّ وجلَّ بأن يرزقَك؛ فهل تحبُّ أن يرزقَك دفعة واحدة؟ أو أن يرزقَك شيئًا فشيئًا؟ يعني: هل تريد أن يُهيِّئ الله لك كلَّ يوم عشرين شيكلًا مثلًا، أو خمسين؟! أو ما يعطيك شيئًا عاجلًا، وبعد مدة من الزمن جاءتك الألوف دفعة واحدة، ماذا تختار يا عبد الله؟



نختار الاثنين، ألَّا يحرمنا الله من رزقه ولو شيئًا فشيئًا، ولا يحرمنا أيضًا سبحانه وتعالى من أرزاقه المتكاثر مرة واحدة ودفعة واحدة، أقول قولي هذا، لماذا؟




لأن بعض الناس يقول: ندعو، ندعو، ونعمل بالأسباب، وصلنا الرحم، وأنفقنا واستغفرنا، ودعونا والحال هو الحال! لا تدري يا عبد الله أنه المكتوب لك ستراه، ولكن قد يكون متجمِّعًا مرة واحدة تأخذه، ويأتيك الفرح مع الفرج، لا تحزن، والله لن تموت حتى تستكمل رزقك كاملًا، لن تأخذ زيادة، ولن تموت وبقيت لك لقمة واحدة، ولا نَفَسٌ واحد على الأرض، حتى تستكمل رزقك؛ لكنك تستعجل.



فهذا الإنسان الذي يفوِّض أمرَه إلى الله عز وجل، هذا غنيٌّ جدًّا ولو لم يملك شيئًا، قال صلى الله عليه وسلم: ((وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ...))؛ (ت) (2305)، (جه) (4217)، انظر: صَحِيح الْجَامِع: (4580)، الصَّحِيحَة: (930).



إن جاءك عشرون شيكلًا في اليوم فارْضَ، أنت أغنى الناس، أما إذا لم تَرْضَ؛ والله ما أنت أغنى الناس، أو حرمت في هذا اليوم، أو غدًا ستكون أغنى الناس، بأمر الله سبحانه وتعالى.



وفي الختام، إننا نصلي، والحمد لله، والمؤمنون عمومًا يصلون ويُزكُّون، ويحجُّون ويذكرون الله عز وجل، ويعملون الصالحات ويفعلون الخيرات، ولهم جزاء عند الله، فما جزاؤهم؟ حسناتٌ، من منكم أخذ حسنةً من هذه الحسنات في هذا الزمان؟



كلُّها تُدَّخَرُ حتى يموتَ الإنسانُ بعد أربعين سنة، أو ثمانين أو مائة سنة، بعد أن يموت؛ هناك يجد حسناته مرَّةً واحدة، فما قدَّمه من أعمال صالحات، تجد ما لها الثمرات، تجد الجنات والغرف العاليات، تأخذُها مرةً واحدةً، ولن تأتيك في الدنيا.



الطاعات والعبادات والحسنات هذه مدَّخرة عند الله يوم القيامة، تفعل في الدنيا عبادات وطاعات، تأخذ الأجر في الآخرة، أمَّا الدنيا فهذه أعمالها وأسبابها يعطيك الله سبحانه إياها في الدنيا، لن يبقى لك في الآخرة من دنياك شيء، ستأخذ ما كتب لك في هذه الدنيا.



دَلَّنا على ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، الذي صلى الله عليه في كتابه وملائكته فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].



اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم ارْضَ عن الخلفاءِ الأربعة؛ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ، وسائر الصحابة أجمعين، وارضَ عنَّا معهم بمنِّك وكرمِكَ، يا أكرمَ الأكرمين.




اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.





اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجْتَه، ولا دَينًا إلا قضيتَه، ولا مريضًا إلا شفيتَه، ولا مبتلًى إلا عافيته، ولا غائبًا إلَّا رددته إلى أهله سالمًا غانمًا يا أرحم العالمين، ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت: 45]



الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد



شبكة الالوكة






10-11-2022
#2  

افتراضيرد: لا تطلبوا الأرزاق إلا من الرزاق

بارك الله فيكى ياقلب





الكلمات الدلالية (Tags)
لا, من, الأرزاق, الرزاق, تطلبوا, إلا

أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عبد الرزاق.. رياضي يتخطى العراقيل في أولمبياد أبوظبي الخاص قمر المنتدى اخبار الرياضة 1 06-30-2019 05:16 PM
من أقوال د. خالد أبو شادي (55),من خُتِم له بصيام يوم دخل الجنة,أوسع الأرزاق قمر المنتدى منتدى العالم الاسلامي 4 04-12-2018 07:04 AM


الساعة الآن 01:22 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd Trans
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

خيارات الاستايل

  • عام
  • اللون الأول
  • اللون الثاني
  • الخط الصغير
  • اخر مشاركة
  • لون الروابط
إرجاع خيارات الاستايل