بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:
نواجه مشكلة النساء المتبرجات
في الطرقات وحتى
في الحافلات العمومية للنقل ، والسؤال هو
هل يجوز لنا نحن الرجال الوقوف وترك أمكنتنا للنساء المتبرجات من باب الشهامة ، أم إن هذا مشاركة لهن
في الإثم ، ويجب تركهن واقفات ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
" الشّريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها ، وأنّها ترجّح خير الخيرين وشرّ الشّرّين ، وتحصيل أعظم المصلحَتين بتفويت أدناهما ، وتدفع أعظم المفسدتَين باحتمال أدناهما " انتهى من " مجموع الفتاوى " لشيخ الإسلام ابن تيمية ( 20 / 48 ) .
وبناء على هذا الأصل ، وبالنظر إلى واقع وسائل النقل
في البلدان التي
في نسائها تبرج فهذا السؤال له ثلاث حالات :
الحالة الأولى :
أن يكون وقوفك وتركك المكان للمتبرجة يحصّل مصلحة ويخفف من المفسدة ؛ ففي هذه الحالة ينبغي عليك أن تقوم وتترك لها مكانك .
مثل أن يكون أكثر الواقفين رجالا ، وبقاؤها واقفة
في وسطهم فتنة لها ، ولباقي الركاب ، أو كل الركاب جالسين وهي واقفة وحدها ، وكل العيون ترمقها ، فيكون وقوفها
في هذه الحالات
فيه زيادة
في المنكر ، وهو تبرجها ، ثم يضاف إليه منكر آخر وهو نظر الناس إليها أو ملامستهم لها . فجلوسها
فيه تخفيف للمنكر وتقليل له .
وكذا إذا كان ترك المكان لها
فيه تأليف قلبها للالتزام ولا مفسدة
في وقوفك ، ونحو هذه المصالح.
الحالة الثانية :
إذا كان وقوفك وترك المكان لها
فيه مفسدة .
كأن يكون النساء هن أغلب الواقفين وفي وقوفك تعريض نفسك لملامستهن والنظر إليهن.
ففي هذه الحالة بقاء المرأة واقفة وسط النسوة هو الأصلح ، وعليك البقاء
في مكانك .
وقد سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :
" أثناء ركوب الأتوبيس ، ويكون
في معظم الأحيان مزدحما ازدحاما شديدا ،
هل الأفضل أن أبقى جالسا - إذا تمكنت من الجلوس- عندما أجد عجوزا يريد الجلوس ، أم أقوم ليجلس هو ( أو هي) مع ما يتسبب به القيام من (الحف) أو ملامسة النساء.
فأجابت : إذا كان الواقع كما ذكرت من أن قيامك ينشأ عنه مزاحمة النساء أو ملامستهن لك- فاستمر جالسا
في مكانك ؛ محافظة على نفسك من أسباب الفتنة والوقوع
في الشر.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 26 / 341 )
الحالة الثالثة :
حالة استواء الأمرين وانتفاء أي مفسدة
في وقوفك أو
في جلوسك وكذا الحال بالنسبة لها ، فهنا الأمر واسع . ووقوفك من أجل أن تجلس هي : نوع من الشهامة والمروءة وحسن الخلق ، وهذا ليس خاصا بالنساء ، بل وقوفك من أجل أن يجلس غيرك إحسان إلى الناس وخلق حسن .
وليس
في قيامك من مكانك من أجل أن تجلس
فيه امرأة متبرجة إعانة على المعصية ، ولا إقرار لمنكرها ، لأن الناس
في العادة يتركون المكان للمرأة لكونها
امرأة ، بغض النظر عن كونها متحجبة أو
متبرجة ، كما يتركون المكان للضعفة من الناس ، كالمسن والمريض ونحو ذلك .
والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب